جامعات

مفتى الديار المصرية ومحافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يشهدان ندوة الشباب وقضية الوعى لطلاب الجامعة

مفتى الديار المصرية ومحافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يشهدان ندوة الشباب وقضية الوعى لطلاب الجامعة

نظمت جامعة بنها برعاية الدكتور جمال سوسه رئيس الجامعة ندوة بعنوان ” الشباب وقضية الوعى” بحضور الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية ، واللواء عبد الحميد الهجان محافظ القليوبية بقاعة تحيا مصر بكلية العلاج الطبيعى
جاء ذلك بحضور الدكتور ناصر الجيزاوي نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث ، والدكتور تامر سمير نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب ، والدكتور السيد فوده نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ، وعدد من عمداء ووكلاء الكليات والأستاذة شيرين شوقي أمين عام الجامعة والأمناء المساعدين وعدد من أعضاء هيئة التدريس والطلاب بالجامعة
وفى كلمته أكد الدكتور جمال سوسه رئيس جامعة بنها أن الشباب يشكلون قوة إيجابية لدفع عجلة التنمية عند تزويدهم بالمعرفة والفرص التي يحتاجون إليها، بعد اكتسابهم المهارات اللازمة للمساهمة في اقتصاد منتج، مشيرا إلي أن أهداف التنمية المستدامة ٢٠٣٠ قد راعت حقيقة لا يمكن أن نغفلها ، أنه لن يتخلف أحد عن ركب تحقيق أهداف التنمية المستدامة وأن هذه الأهداف وضعت لجميع الشعوب في كل الدول ومن كل الفئات العمرية وللمجتمعات قاطبة ، وتستلزم الصبغة العالمية لخطة عام ٢٠٣٠ مراعاة دور الشباب في جميع الأهداف والغايات حيث تم التطرق إلي الشباب كونهم وكلاء للتغيير مكلفين بتسخير إمكاناتهم لضمان عالم يتناسب مع تطلعات الأجيال القادمة .
وأضاف رئيس الجامعة أن أهداف التنمية المستدامة لها أهمية حاسمة في تنمية الشباب، وما تضمنه الإصدار الأخير من تقرير الشباب العالمي باعتباره عاملاً أساسياً للتنمية الشاملة للشباب ، فإننا نركز علي الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة (التعليم الجيد) ، مؤكدا أن التعليم حق أساسي للشباب في كل مكان. حيث نص هذا الهدف علي توفير فرص التعليم الشامل والعادل والجيد، وتعزيز فرص التعلم للجميع. ولتحقيق ذلك، هناك حاجة لبذل جهود متضافرة لضمان الوصول إلى تعليم مجاني وجيد وشامل وعادل وبشكل منصف لإحداث نقلة ناجحة في القوي العاملة وتحقيق هدف الوصول لفرص العمل اللائق لجميع الشباب
وتابع رئيس الجامعة أن الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة يتضمن العمل اللائق والنمو الاقتصادي ، حيث أصبحت تحديات تأمين العمل اللائق والمستمر أكثر تعقيدا خاصة وأنه يطلق على الشباب مسمى ” حاملي راية ٢٠٣٠ ” لأنهم يلعبون دورا محوريا ليس فقط كمستفدين من إجراءات وسياسات جدول أعمال التنمية ، بل أيضا كشركاء في تنفيذه .
ووجه رئيس الجامعة حديثه للشباب وطلاب الجامعة قائلا : ، لقد قمتم بتطوير خطة عام 2030 و شاركتم في الأطر والعمليات التي تدعم تنفيذها ومتابعتها ومراجعتها ، أنتم قادة المستقبل وأملنا المنشود ، وعلى كاهلكم ستلقى مسئولية النهضة بكل مقدرات الأعمال والإنجازات ، وعما قريب ستصبحون حملة مشاعل التقدم والرقي في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،
ولذا فمن الأهمية ، رفع درجة الوعي لديكم بالقضايا والتحديات الداخلية، وأيضًا بالقضايا والتحديات العاجلة المطروحة على مستوى العالم وهو الأمر الذي تسعى إليه جامعة بنها بالتعاون مع دار الإفتاء المصرية من خلال بروتوكول تعاون بين الطرفين ، حيث نعمل على خلق الفكر المبدع ، وإحداث نقلة نوعية كبيرة في علاقة الشباب بمؤسسات الدولة
وأوضح الدكتور جمال سوسه أنه بعد أيام قليلة ( يناير ٢٠٢٣) ، سينطلق منتدى شباب العالم في نسخته الرابعة بشرم الشيخ ( حيث بدأت النسخة الأولي يناير ٢٠١٧ ) ، وهو الحدث الأبرز في مصر ، والذي ينتظره العالم بشغف ، لما يحمله من رسائل سلام ومحبة وأمل ، ولما يمثله من وسيلة هامة لنشر الوعي بين شعوب العالم ، وخاصة فيما يتعلق بالقضايا الملحة مثل : حقوق الإنسان ، الحماية الاجتماعية، تغير المناخ ، تأثيرات ما بعد فيروس كورونا، مستقبل الطاقة، البيئة، الدراسة عن بُعد، التحول الرقمي، التكنولوجيا والجيل الخامس، ريادة الأعمال
وأضاف سوسه أن منتديات شباب العالم السابقة ، قد حققت العديد من المكاسب ، أبرزها : مد جسور التواصل بين الشباب المصري والقيادة السياسية والشباب من مختلف دول العالم .. فهي بمثابة منصات حوارية تجمع أفكار وآراء ومبادرات شبابية من شباب العالم أجمع ، وتمثل انفتاح على العالم ، وتتيح الفرصة للشباب للتعبير عن رؤاهم في التحديات التي تواجه المنطقة والعالم بشكل عام ، فضلًا عن أنها تبعث برسالة لكل دول العالم أن مصر بلد الأمن والأمان

وعلى المستوى الداخلي ، فإن لمثل هذه المنتديات أهمية كبرى ، تتمثل في الاستفادة من طاقات الشباب والاطلاع على رؤيتهم لتحقيق آمال وطموحات الشعب المصري ، مما يعزز من الاستفادة من أفكارهم ورؤاهم فيما يتعلق بمكافحة الحروب المعنوية والأفكار الهدامة التي تدعو لعرقلة مسيرة التنمية عن طريق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وبث الشائعات والاستخدام السلبي للثورة التكنولوجية
واشار رئيس الجامعة الى أنه لمن المنطقي ، ومن الواجب علينا أن ننشر الوعي بإنجازات الدولة المصرية ومسيرة التنمية والتي تحقق منها الكثير، وتسعى الدولة وشبابها لاستكمال تلك الإنجازات في ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية ، قيادة سياسية مؤمنة بدور الشباب والمرأة وكافة أطياف المجتمع المصري باعتبارهم شركاء في المسئولية والنجاحات التي تحققت في سنوات قليلة ، مؤكدا أنه يوجد هناك 1.2 مليار شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، يمثلون 16 % من سكان العالم. ومن المتوقع أن يرتفع عدد الشباب بنسبة 7% ليصل إلى حوالي 1.3 مليار شاب وشابة ، فمع تزايد مطالبة الشباب بفرص أكثر إنصافًا في مجتمعاتهم، أصبحت مواجهة التحديات المتعددة التي يواجهها الشباب (مثل فرص الحصول على التعليم والصحة والتوظيف والمساواة بين الجنسين) أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى
وفى كلمته أعرب اللواء عبدالحميد الهجان محافظ القليوبية عن سعادته بتواجده في رحاب جامعة بنها قلعة العلم والعلماء ومصنع بُنَاة المستقبل وبحضور قامة كبيرة من قامات العلم والفكر والدين ألا وهو فضيلة مفتي الديار المصرية
وأكد المحافظ حرص القيادة السياسية على نشر الوعي لدى الشباب ومن هذا المنطلق فقد أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي منتديات شباب العالم التي تهدف في المقام الأول إلى رفع درجة الوعي لدى الشباب المصري وخلق الفكر المبدع وتأهيل الشباب للعمل السياسي وربط الشباب بمؤسسات الدولة لإدراك آلية العمل بكل مؤسسة وللمشاركة بأفكارهم البَنّاءة لدعم مسيرة الدولة في التطوير ، كما حققت تلك المنتديات الهدف المنشود في التفاعل مع كافة شباب العالم ومشاركة الرؤى والأفكار والوقوف على آخر التطورات في العالم وهو ما أسهم بشكل كبير في رفع درجة الوعي والإدراك
وقال المحافظ نلتقي اليوم بشبابنا الواعد من طلاب جامعة بنها لنناقش معًا قضية من أهم القضايا التي يجب أن نسلط عليها الضوء وهي قضية نشر الوعي بين الشباب والوعي بمفهومه العام هو حالة من الفهم والإدراك للواقع الذي نعيش فيه، وإمكانية الاستجابه لهذا الواقع والتفاعل معه والتأثير فيه لتحقيق الطموحات والمبادئ
وأكد محافظ القليوبية أن الشباب هم أمل المستقبل ، وهم من سيواصلون مسيرة التنمية وهم من سيجنون ثمار ما تحقق من إنجازات وسيحملون على عاتقهم الحفاظ على كل ما قدمته الدولة من مُقَدّراتٍ وإنجازات لذا فإن رفع درجة الوعي لدى هؤلاء الشباب بالقضايا والتحديات التي يواجهها مجتمعنا سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي قد أصبح أمرًا ضروريًا وواجبًا وطنيًا ، مضيفا أن نشر الوعي يساعد على دعم الشباب في مواكبة التطور الذي يحدث في العالم.. مما سيكون له عظيم الأثر في تطور المجتمع والنهوض به والخروج بأفكارٍ مبدعة مَبنيّة على أسسٍ سليمة
وتابع المحافظ قائلا ان كما نتحدث عن الوعي فإننا نقصد الوعي بكافة أشكاله ” الوعي الديني ..الوعي السياسي ..الوعي الصحي ..الوعي الإجتماعي.. الوعي الوطني.. الوعي الأسري ..وغيرها من أشكال الوعي التي تساعد الشباب على التفاعل بشكل إيجابي على كل الأصعدة ونحن نأمل أن يسعى الشباب دائما إلى زيادة الوعي والمعرفة.. وأن يسلك كل طريق يؤدي به إلى التطور والإدراك لتحظى مصر بجيل واعد قادر على التنمية والتطوير
من جانبه قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن الأمم إنما تُبنى على سواعد الشباب، ذلك لأن الشباب هم عماد أي أمة من الأمم وسر نهضتها وبناة حضارتها وهم حماة الأوطان والمدافعون عن حياضها؛ موضحًا أن مرحلة الشباب هي مرحلة الطاقة والحيوية المتدفقة والعطا مشيرا إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم اهتم بالشباب اهتمامًا كبيرًا؛ فقد كانوا الفئة الأكثر التي وقفت بجانبه في بداية الدعوة فأيدوه ونصروه ونشروا دعوة الإسلام وتحملوا في سبيل ذلك المشاق والأهوال
وأضاف فضيلته: حث الرسول صلى الله عليه وسلم الشباب على أن يكونوا أقوياء في العقيدة، أقوياء في البنيان، أقوياء في العمل، حيث قال: “الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ”؛ غير أنه عليه الصلاة والسلام نوَّه إلى أن القوة ليست بقوة البنيان فقط ولكنها قوة السيطرة على النفس والتحكم في طبائعها، فقال: “لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ”، وبهذا عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على إعداد الشباب وبناء شخصيتهم القوية؛ ليكون الشباب مهيئًا لحمل الرسالة، وأقدر على تحمل المسئولية، وأكثر التزامًا بمبادئ الإسلام
كما تطرقت كلمة فضيلة المفتي إلى أهمية بناء الوعي، موضحا ان أول طريق الحفاظ على الشباب هو الالتفات إلى أهمية تنمية الوعى لديهم، ذلك لأن مفهوم الوعي في حقيقته يدور حولَ الإدراكِ الدقيق والحقيقي؛ إدراكِ الذات، وإدراكِ المتغيرات التي تُحيط بالإنسان، والوعي بهذا المفهوم هو صفةٌ إسلاميةٌ أصيلة وعامة؛ ذلك أن الشريعة الإسلامية قد أَسَّست للوعي بمفهومه الشامل، فبيَّنت حقيقة الذات البشرية، والكون المحيط، وعلاقة الإنسان بذلك الكون، مشددا على ان تزييف الوعي وتضليل العقل أخطر على الشباب من جميع مُغيِّبات العقل ومُذهِبَات الفهم كالمخدرات وغيرها، فغياب الوعي من أكبر الأخطار المهددة لهم؛ وهذا هو ما يعلمه أعداء الأمة وأعداء البشرية من حماة التطرف والإرهاب فيستخدمونهم بابًا لتسريب أفكارهم ومِعوَلًا لهدم أساس الأمة وبنائها
وأكد فضيلة المفتي على أن قضية الوعي هي قضية علم في الأساس ويتضح ذلك من قصة خلق آدم فهي تربط بين خلافة آدم في الأرض وبين العلم، موضحا أن الشباب هو القوة الدافعة والمستقبلية لإن نسبة الشباب في مصر تزيد عن ٤٠٪؜، لذا يجب أن نضع البرامج لهؤلاء الشباب حتي يكون لديهم وعيا وإدراكًا صحيحا يؤهلهم ليكونوا قادة المستقبل
كما أوضح أن التحديات التي تواجه الشباب كثيرة ومن أهمها قضية الخطاب الديني، ذلك لأن الجماعات المتطرفة استغلت الدين وجعلته مطية لأغراض سياسية، مشيرا إلى أن الأزهر علي مدار تاريخه قد تبرأ من هذا المسلك، ومن ثم يجب الحذر من التدين الشكلي الذي يهتم بالقشور ولا يهتم بالجذور، لأن جماعة الإخوان الإرهابية تبنت فكر الخوارج واستغلت الدين للوصول إلي أغراض سياسية، ولا شك أن استغلال الدين للوصول إلي أغراض سياسية محكوم عليه بالفشل
وشدد مفتي الجمهورية على ضرورة عدم انسياق الشباب للوعي الزائف، لأن الفكر المتطرف لم يقدم شيئا للبشرية سوي الدمار والخراب والاستغلال السيء للدين، كما نبه إلى استغلال الجماعات المتطرفة لوسائل التواصل الاجتماعي استغلالا سيئا، مطالبا بضرورة اللجوء للمتخصصين كل في مجاله، وهذا أحد أهم محاور الوعي الصحيح، كما أكد على قيمة مصر الكبيرة، وكيف أن الكل حريص علي الالتفاف حول مصر ولدينا أكثر من ١٢٠ دولة ترسل أبناءها للدراسة في الأزهر الشريف، موضحا أن الاعتزاز بمصر هو أحد أهم محاور الوعي الصحيح، ومن ثم نحن ندين كل فكر منحرف لا يريد الخير للدين والوطن
واستطرد فضيلة المفتي في الحديث عن أهمية بناء الوعي موضحا كيفية بناء الوعي عند الشباب، وأن الوعي نوعان: وعي صحيح ووعي زائف؛ مشيرا إلى انه من هنا يجب علينا أن نبين أمران، وهما زيف الأفكار والمعتقدات الهدامة من جهة ونقيم الوعي الصحيح البنَّاء في مقابلة الوعي غير البنَّاء من جهة أخرى، مؤكدا أن تنمية الوعي لا يقف عند حدود الفكر فقط وإنما يمتد إلى الأخطار التي تُهدد الشباب في صحتهم وفي انتمائهم، و علينا جميعًا العمل على زيادة الوعي ومراقبة الشباب وتحصينهم من تلك الأفكار لكونهم صيدًا ثمينًا للجماعات المتطرفة
في سياق ذي شأن، أكد فضيلة المفتي أن الأسرة المصرية، يقع على عاتقها أولًا، ثم مؤسسات الدولة المعنية بأمور النشْء والشباب ثانيًا واجبُ الحفاظ على الشباب من سائر هذه المخاطر؛ ويبدأ ذلك بتنشئة الأجيال داخل الأسرة تنشئة سليمة وقيام المدرسة بدورها، كما أن لمؤسسات الدولة دورٌ مهمٌّ في الحفاظ على الشباب بأن تتكاتف لصد هجمة التطرف والإرهاب الشرسة التي تحاول استقطاب الشباب، كما على المؤسسات الدينية عبء كبير في احتواء الشباب ووضعهم على الطريق الصحيح وترسيخ مفاهيم وسطية الإسلام واعتداله، ومراجعة ما يُنشَر ويُبَث من مواد دينية بشكل مباشر أو غير مباشر، وذلك في جانب تحصين الشباب، موضحا أن من أسباب الوقاية تنمية روح الانتماء في قلب الشباب وتوعيتهم بأهمية الوطن وتفعيل دورهم في بنائه وتعميره
وشدد فضيلة المفتي في محاضرته على خطورة الانتقاص من أهل الاختصاص والتطاول على علماء الأمة؛ رغم أن الشريعة الإسلامية تضبط الكلام في الدين ومجال الفتوى، وترد أمور الشريعة لأهل الاختصاص. يقول الله عز وجل: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل:43]، وكذلك نبه إلى خطورة الانتقاص من قيمة الوطن واعتبار محبة الأوطان شرك والتعاون مع مؤسسات الدولة والعمل بها كفر، مع أن شريعة الإسلام ترشدنا إلى أن حب الوطن من الإيمان، وتبين لنا أن الانتماء الوطني أمر فطري وواجب شرعي، وتوضح لنا أن قوة الوطن قوة للدين
في إطار متصل أكد فضيلة المفتي على دور الشباب في مواجهة أدعياء العلم، وضرورة التثبُّت في ظل الموجة الهادرة من أدعياء العلم في كل مكان يجب التثبت وأخذ العلم من منبعه الصافي ولا نأخذ الفتوى إلا من أهل الاختصاص، وكذلك أهمية تتبع المنهج الشرعي الصحيح: ينبغي تتبع المنهج الشرعي الصحيح المأخوذ عن العلماء، وهذا المنهج هو ما عبر عنه ابن عباس حين قال للخوارج: «جئتكم من عند أمير المؤمنين وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم» فأخبر أنه جاءهم من عند الصحابة، الوارثين العلم عن النبي الكريم، وورَّثوه للتابعين وتابعيهم حتى وصل إلى الأزهر الشريف. ذلك المنهج الصحيح الذي يربط بين الشكل والمضمون بوضوح تام، ولا يفصل بحال بينهما

كما أكد على ضرورة تعظيم قدر العلماء وتوقيرهم، موضحا ان الشرع الكريم حض على توقير أهل العلم؛ إذ بالعلماء يظهر العلم، ويُرفع الجهل، وتُزال الشبهة، وتُصان الشريعة. وقد روى الترمذي وأحمد عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منَّا من لم يجلَّ كبيرَنا، ويرحمْ صغيرنا، ويعرفْ لعالمنا حقَّه»
كذلك دعا إلى أهمية نبذ التشدد والغلو؛ حيث تميزت الأمة الإسلامية دون سائر الأمم بالوسطية، والتي تعني التوسط والاعتدال بين طرفي الإفراط والتفريط، مؤكدا أن المتطرفون سلكوا مسلك التشدد وركبوا مركب التعصب باسم التمسك بالسنة المطهرة، لكن نصوص السنة واضحة وقطعية في نبذ التشدد والغلو، وكذلك ينبغي عدم الانفصام بين العبادة والأخلاق؛ فإن التعامل مع الآخرين هو محكُّ التَّديُّنِ الصحيح، وقد اشتُهر على الألسنة أن الدين المعاملةُ، والمقصود بالمعاملة الأخلاق، وفي التدين الحقيقي لا فصل بين الإيمان والأخلاق والعمل، ويؤصل لهذا المعنى حديث جبريل عليه السلام المشهور، حين سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الإسلام والإيمان والإحسان، فقد بيَّن هذا الحديث الشريف أن الإسلام: شعائر وعقائد وأخلاق. والأخلاق هي مرتبة الإحسان
وعن ضرورة مواجهة التحديات، أكد فضيلة المفتي في كلمته أن الدولة تواجه تحديات جمة منها المؤامرات والحروب التي أخذت أشكالًا جديدة هي حروب الجيل الرابع والخامس، وأن العالم يواجه أيضًا تحديات كثيرة منها كوفيد 19 والتغير المناخي وندرة المياه وغير ذلك، ومن ثم فإن للشباب دور كبير في مواجهة التحديات الوطنية وخاصة الاجتماعية؛ مثل: زيادة السكان والطلاق المتكرر والانتحار والتفلُّت في السوشيال ميديا وانتشار المخدرات وغير ذلك
وشدد على دور الشباب في هذا السياق والذي ينبغي عليه فعله، مثل دعم الدولة في هذه المرحلة وذلك بتطبيق تعاليم الدين من جهة وتعليمات القانون والدولة من جهة أخرى وذلك لتحقيق أمن واستقرار المجتمع، هذا مع دعوة الغير إلى دعم الدولة والالتزام بما توجه الأفراد إليه نحو اتخاذ الإجراءات الاحترازية والحفاظ على مؤسسات الدولة من التخريب والإفساد، مما يحفظ على الدولة هيبتها ويؤدي إلى استقرارها، وكذلك الحفاظ على استقرار الوطن، فالمسلم الحق هو الذي يحب وطنه ويعمل جاهدًا على دعم مقومات الدولة والحفاظ على مؤسساتها؛ لأن في ذلك حفاظًا على شعائر الدين ورعايةً لمصالح الخلق وانضباطًا لحياتهم، وهذا من الإصلاح الذي قال الله تعالى عنه: ﴿وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ المُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف 142] فالمتدين بحق هو أبعد الناس عن معاني الإفساد في الأرض، إلى جانب المشاركة الإيجابية، فيجب المساعدة على حل المشكلات بالمشاركة الإيجابية في المجتمع؛ والمسلم الحق هو الذي لا يعيش كلًّا على أحد يسعى لعمله كما يسعى إلى صلاته، يصلح بين المتخاصمين، ويجود بماله ووقته من أجل الآخرين، ويحارب الفساد، ويتصدى للمنكرات، ويتعاون مع أفراد المجتمع من أجل رقيه والنهوض به امتثالًا لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}
وفى ختام محاضرته نبه فضيلة مفتي الجمهورية، إلى ضرورة درء الفتنة، كما يجب غلق الباب أمام دعاة الفتنة وذلك بتقبل الآخر والتعايش معه بالتسامح والمحبة؛ لإن الإسلام يقرر أن الناس كلهم من أصل واحد، وأنهم خُلقوا كلهم من نفس واحدة، وأنهم جُعلوا شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، والمتدين تدينًا صحيحًا هو الذي يؤمن بأن البشر جميعًا تجمعهم رابطة الأخوة الإنسانية، فهو يقبل الطرف الآخر ولا يُقصيه؛ لأن الإسلام أكد على وحدة البشرية وإن تعددت شرائعهم، ومن هنا ينبغي احترام الأديان والمقدسات؛ لإن الإسلام يدعو الى احترام الأديان، كما يحرِّم الاعتداء على دور العبادة الخاصة بالمسلمين وغيرهم، ويدعو إلى تقبل التعددية العقدية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى